هي لم تتعود في أيام العطل أن تستيقظ قبل أن تسمع صوته.
استيقظت مبكراً وظلت في سريرها مترقبة في انتظار رنين الهاتف الذي لم يأت.
فكرت قليلاً ثم بادرت بالاتصال به. على غير العادة، يجيب بسرعة
بصوت لطالما نقلها إلى عالم خارج عن كل ما يدور حولها.
هو: صباح الخير حبيبتي
هي تجيب بسعادة: إذا فأنت مستيقظ. هذا رائع
هو: نعم، لقد استيقظت الآن. وأنت؟ كأنك استيقظت الآن؟
تجيب كمن يزيح تهمة: لا لا فقد استيقظت باكراً ولكن كنت أنتظر
سماع صوتك
تحادثا عن أشياء كثيرة وكإنهما لم يتحدثا قبل ساعات فقط ...
قالت له بطريقة الأطفال: احك لي قصة
قال لها: لم يعد أحد الآن يرو قصصاً لأحد. ففي هذا العصر من يريد أن يستمع لقصة يشتريها على اسطوانة ويضع
السماعات في أذنيه ويستمع لها. حتى إنها تكون مصحوبة بموسيقى وبمؤثرات !!
تفكر ،كم تحب سخريته، ثم ترد بإصرار: ولكن أحب أن أسمعها
بصوتك
ما كان منه إلا أن استجاب لطلبها الطفولي وبدأ برواية قصة
كانت تعرف أنه يرتجلها دونما جهد ويستخدم فيها لهجة قروية محببة إليها مع أنها لا
تفهمها جيداً...
لم تكن تهتم كثيراً بالتفاصيل بقدر اهتمامها بصوته ولهجته ..
كانت تتوقع أنه سينهي هذه القصة اللطيفة بطريقة ساخرة كعادته..
وهذا ما كان ففجأة
باغتها بقوله: ويقولون أن "زمان كان كل شي أحسن"، كيف ذلك بينما كانت
النساء تعملن ليلاً نهاراً و"يحرث" عليها الجميع!!
فتضحك هي ضحكة كان يحب أن يسمعها هو ويضحك هو بسعادة لأنها
أحبت قصته التي اخترعها..
كانت القصة عن النساء اللاتي كن يستيقظن كل يوم في القرية
ويبدأن بجمع بعضهن ليذهبن إلى "الحصيدة" ثم يعدن إلى منازلهن ليقمن بكل
الأعمال المنزلية. هو يرى أن هذا ظلم للمرأة فهي تستحق أن ترتاح وأن يتعاون الرجل
والمرأة في المنزل.
صمت الاثنين بينما كنت تفكر هي بإعجاب: كم هو محق.. تتذكر
شيئاً من أيام الطفولة .
كسرت الصمت قائلة: أتدري؟ عندما قال والدي لنا أننا سنعود إلى
بلدنا اعتقدت أننا سنعود إلى القرية وسنستيقظ كل يوم باكرأ لنذهب للحصيدة ولكني
فوجئت عندما وجدت نفسي في مخيم.
رد هو كمن يسمع شيئاً لم يكن يتوقعه: مخيم؟
أجابت هي باستغراب: نعم! لقد أخبرتك قبلاً مائة ألف مرة أنني
أعيش في مخيم!!
قال هو مستهجناً: مائة ألف مرة؟ هذه أول مرة.
قالت وهي تتذكر جيداُ: بلى قلت لك ذلك. استدركت: هل لديك
مشكلة في ذلك؟
هو بنبرة جدية : لا أدري.
أحست أنه ليس "هو" الذي تعرفه جيداً. صمتا.. قالت
بإصرار: ما الذي تفكر فيه؟
قال: لاشيء
قالت: أعرف أنك تفكر
في شيء. أخبرني ما هو؟
فاجأها عندما قال: سأخبرك عندما أعرف ..
صمتت لتستوعب ما الذي يحدث فقطع صمتها مستدركاً: سأخبرك برسالة نصية!
قالت وهي تحاول الدفاع عن نفسها من جريمة لم ترتكبها: إذاً
أؤكد لك مرة أخرى ولدت في مخيم في الشتات وعدت إلى
البلاد وعشت في مخيم ولا زلت أعيش فيه.
خيّم صمت مفاجئ على الاثنين كما لو أن الكلمات ضاعت منهما..
قال كمن يريد الهرب: سأذهب الآن
قالت كما لو أن شيئاً لم يحدث: "دير بالك على حالك"
فهو لم يكن بصحة جيدة في هذه الفترة وأرادت أن يعرف أن أمره
يهمها مهما حدث.. بل أنه الأهم ..
رد بطريقة لم تعهدها: حسناً. وأنت أيضاً
قالت كمن يريد أن يتأكد أنه لم يفهم شيئاُ بطريقة خاطئة: مع
السلامة، حبيبي
قال: مع السلامة.
هي تعودت أن يرفقها بكلمة أخرى كحبيبتي أو حياتي أو عمري، لكنه لم يفعل.
أقفل هو وبقيت هي معلقة إلى سماعة الهاتف بانتظار الكلمة
الأخيرة التي لن تأت..
أعادت كل ما حدث في هذه المكالمة التي بدأت بعاشقين ولكنها
انتهت بغريبين. وتفكر ما المشكلة؟؟؟
يبلغ عدد الفلسطينيين ما يقارب 5 ملايين نسمة، تقريباً 3.5
مليون منهم لاجئين يعيشون في الشتات وقطاع غزة والضفة الغربية. لمن يريد التعرف
على معلومات أكثر عن اللاجئين الفلسطينيين الضغط هنا
أغنية لأحمد قعبور - لاجئ سموني لاجئ
أفهم إنه الأستاذ حاكمها بتهمة "اللجوء" و حضرة جنابه "مواطن" ؟
ردحذفخلال اقامتي في غزة كنت أعرف "مواطنة" صاحبة لسان لاذع لا تكف عن اتهام "اللاجئين" بالجبن و انعدام الرجولة و أنه كان أولى لهم الموت في بيوتهم بشرف بدلا ما "مرمطوا حالهم و بهدلوا بلادنا بالزينكو" .. كتار اللي زيها و زيه ع فكرة !
هديل شكرا لتعليقك القيم على الموضوع
ردحذفهاد الموضوع كتير منتشر في بلدنا مع انه ما بحس انه في حدا من الفلسطينية احسن من حدا. كلنا شاربين من نفس الكاس وكلنا بنعاني من نفس المشاكل!
عزيزتي راما :
ردحذفشو لاجئ ومواطن بالنهاية كلنا فلسطينية , بس احيانا في ناس ما بعرفوا شو يعني تترك أرضك و وطنك وتعيش غريب في بلاد تانية , وما تقدر تشوف 3/4 أهلها الي طلعوا غصب من بلادهم ....
أكيد راح ترجع لبلاد ....متل ما بتقول ستي .
عزيزتي رشا شكرا لمرورك وتعليقك على التدوينة
ردحذفصحيح احنا كلنا فلسطينية لكن مشكلة لاجئ ومواطن موجودة بمجتمعنا بشكل مؤذي. ومتل ما قالت هديل بيلوموا اللاجئين إنهم طلعوا وكإنه الاشي كان بإيدهم
الله يطول بعمر ستك وان شاء الله كلنا بنرجع
بالنسبة لقصة مواطن ولاجئ ، لقد اخترعها الاحتلال الصهيوني وشارك فيها الغرب من خلال وكالة الغوث ، كلنا لاجئون في وطننا ، كلنا مغتربون ، دعونا لا نترك لهم فرصة لسياستهم القذرة " فرق تسد " ، قسمونا مواطنين ولاجئين ، وقسمونا بدو وحضر وقرويين ومِدِن ، قسمونا غزة ورام الله ، قسمونا فتح وحماس ، عن جد يكفينا مافعلوا بنا ، كلنا في الاول وفي الاخير فلسطينيين وما يحدث من تشاحن هو حالات فردية وليس جمعية ، لقد احسن المواطنون استقبال اخوتهم اللاجئون ولم يوجهوا لهم تهمة التخلي عن بلدهم ، لاننا لو كنا في نفس موقفهم كنا رحلنا خائفين على أطفالنا ونسائنا ..
ردحذف""
بالنسبة للقصة استمتعت بطريقتك في العرض واتمنى آلا تكون قصة حقيقية وقعت لشخوص حقيقية ، كما اسجل اعجابي بأغنية احمد قعبور " سموني لاجئ " فانا من عشاقها رغم اني لست لاجئة !
القصه حلوة كتير واسلوبك جميل، المفروض اننا كلنا فلسطينيين بس للاسف في ناس بتفرق على اساس انه المواطن محافظ على ارضه بدليل ان كل يوم اليهود بيخربو بارضه وبيتم قصفها واحيانا ما بيقدر صاحب الارض المواطن انه يوصل لارضه.(lolo)
ردحذفعزيزتي وجع البنفسج شكرا إلك كله من ذوقك
ردحذفبالنسبة للقصة ففيها شيء من الحقيقة اللي بنسمعها كل يوم. من لما كنت بالجامعة لما تعرفي عن حالك السؤال التالي بيكون مواطنة ولا لاجئة وانا بتفق معك انه هاد الحال اللي وصلناله هو نتاج سنين طويلة من سياسة التفرقة. الكلام اللي قلتيه انا حكيته قبل هيك في تدوينة "عن الانقسام الفلسطيني" بشكرك كتير لتعليقك القيم
عزيزتي lolo شكرا إلك زي ما قلتي المفروض اننا كلنا فلسطينيين لكن الواقع اللي بنعيشه لا يتفق مع هاي الحقيقة ومشان نغير هاي الحقيقة لازم نواجهها بكل صراحة