ثورة من الذات: 2011
هنا سأكتب عن كل ما يخطر ببالي من أفكار متعلقة بالحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية.. سأكتب عن كل شيء أتمنى تغييره في واقعنا العربي

السبت، نوفمبر 26، 2011

مصر .. في عيوني (الجزء الأول)



أولاً بعتذر منكم إنه إلي فترة طويلة ما كتبت اشي في مدونتي بسبب انشغالي.. بس هالمرة رح احكيلكم عن سفرتي لمصر اللي كانت مدتها 10 أيام وأقلكم شو كانت نظرتي لمصر وشو صارت.
تاني إشي بشكر إسلام عصام أخي العزيز في مصر اللي ساعدني في اختيار العنوان لهذه السلسلة

مقدمة
قبل ال 2005 كنا نسافر كتير أنا وأهلي نزور قرايبنا في بلد عربي شقيق وكانت مصر محطة مرور. لما كنت أمر فيها بالسيارة كنت أشوفها زحمة كتير ومش نضيفة وحسب الأفلام والمسلسلات وصفحة الحوادث كنت أتخيل كل الناس نشترية (حرامية) ونصابين ومجرمين خاصة إنه أول مرة دخلت أرض مصر وإحنا جايين على فلسطين انسرقت أغراض من شنطنا رغم إنه كنا جمبها بالزبط! وبالتالي مصر بالنسبة إلي كانت بلد زحمة وخنقة وسرقة!!
كيف هلأ صرت أشوف مصر؟ راح أتركه لإلكم بعد ما تقرؤوا هاي المذكرات اللي راح تكون على جزئين وبنبهكم من أولها.. الكلام كتير وقد ما كتبت مش حوفيها حقها عشان هيك التدوينة طويييييلة (لذا اقتضى التنويه :D )

اليوم الأول (31/10/2011): على الطريق
البداية كانت بإنه شغلي بعتني لدورة تدريبية في مصر مدتها 3 أيام. ومشان الطريق طويلة وإحنا سفرنا بالبر فطلعت قبل بيوم مع والدي. ولإنه الدورة بتخلص يوم الخميس فقلت أقضي العيد بمصر لإنه بسمع إنه أجواء العيد فيها حلوة كتير.. وهيك صار.
طلعنا الساعة 7 الصبح وتوجهنا أنا ووالدي لمكان التجمع في خانيونس اللي كان زحمة كتير وطال الانتظار بس الحمد لله طلعنا بالباص الساعة 11 الصبح!! وضلينا في الباص بين الطرف الفلسطيني من معبر رفح والطرف المصري منه للساعة 3 العصر تقريباً واللي هي عملياً 1.5 كيلو متر وما بتاخد أكتر من ساعة مع كل الإجراءات!!  في هاي الفترة الزمنية الكل صلى الظهر والعصر في هاي المسافة الصغيرة.
واحنا بنستنى كنت أفتح انترنت من الجوال (وخصم علي كتير من رصيدي) وقرأت خبر برّدلي قلبي ونساني الانتظار الطويل للعبور.. الخبر كان اعتراف اليونسكو بعضوية فلسطين الكاملة (خبر مهم كتير لما يتبعه من أثر إيجابي على التراث الفلسطيني والحضارة الفلسطينية)
زهقتوا من قصص المعبر والانتظار الطويل؟ اه وانا كمان! نفوت في المهم
دخلنا القاعة المصرية اللي تعتبر الجزء التاني من معبر رفح والحمد لله انتظارنا ما طال..نص ساعة بس..وأخدنا أغراضنا وطلعنا مباشرة من بوابة المعبر عالناحية المصرية وأخدنا سيارة وطلعنا عالقاهرة. توقفنا في استراحة عالطريق وكانت الساعة وقتها تقريبا 7 المسا.. جعنا طبعا بس أنا مش متشجعة آكل وهون كانت أول مفاجأة. الأكل طلع زاكي!! هم زبطوا طريقة الطبخ ولا أنا من الجوع حسيته زاكي ما عندي فكرة بصراحة !!
طول الطريق بابا وكمان شخص كان معنا بالسيارة يحكوا مع السواق. ما لفتني الحديث كتير قد ما لفتني حكي السواق ومنطقه.. إنسان بسيط عايش مشان عيلته و"يجيبلهم لقمة العيش" .. بلحظتها فكرت: قديش المصريين بسيطين وطيبين.
العجلة "فقشت" مع السواق (وهاي كلمة مصرية بحتة بمعنى انه ضمرت لإنها كانت سخنة وأجا عليها مي كتير من الشب اللي غسل السيارة واحنا بالاستراحة) بس رغم هيك كمل فينا لحد القاهرة وبعدين وقفلنا تاكسي تاني يوصلنا الفندق.. وكمان مرة السواق أكدت طيبته و"جدعنته"
فكرت انه يعني ربع ساعة ونوصل عأساس إنه المعادي بالقاهرة لكن تفكيري ما كان سليم.. نمت وصحيت واحنا لسه في التاكسي وطلعت المسافة تقريباً ساعة.. وهاي كانت المفاجأة التانية، إنه المسافات في مصر أبداً مش متل المسافات في فلسطين!
وصلنا الأوتيل الساعة 11 مساء وطبعا ما عملنا إلا إشي واحد.. نمنا

اليوم الثاني  (01/11/2011): عادي في المعادي
المنظر اللي شفته من شباك غرفتي أول ما صحيت كان النيل.. وقفت عالشباك متل المجانين وكإني أول مرة بشوف نهر وشارع بس المنظر كان فعلا حلو وفوراً جبت الكاميرا وبديت آخد صور


نهر النيل من شباك غرفة الفندق

كان أول يوم بالتدريب اللي رايحة مشانه. طلعت من الفندق الساعة 9 ولقيت السيارة بتستناني عالجهة التانية من الشارع. وقفت أستنى السيارات توقف عشان أقطع الشارع بس ما وقفوا (طلع هاد الوضع الطبيعي بمصر) وشفت عم عرابي بيقطع الشارع عشان يقطعني لإنه إزا ضليت أستنى ولا عمري بقطع.. تزكرت مسرحية "سك على بناتك" لما بتيجي إسعاد يونس تقول لأبوها "قال إيييييييييييييييييه بيعديني" ابتسمت وقطعنا الشارع وركبت السيارة.. ومن لحظتها كل ما بدي أقطع الشارع يا أما والدي بمسكلي إيدي وبيقطعني يا أما بمسك قلبي بإيدي وبركض بين السيارات لأوصل الرصيف التاني!!
وصلت المكتب دخلت وقلت صباح الخير لقيت اللي موجودين بيبتسمولي وبيقولولي ورا بعض صباح الخير اهلا وسهلا راما؟ قلت اه انا راما الحمد لله عالسلامة إزيك؟ إزاي كانت الطريق؟ حسيت اني بعرفهم من سنين التقيت بزميلتي إنجي اللي حتعملي التدريب أنا وزميلة تانية اسمها نهى وكمان التقيت بميساء وريموندا ومتل ما استقبلوني زمايلي اللي في الطابق الأول كان استقبال ميساء وإنجي وريموندا..
بدأنا التدريب مع إنجي وأول شي قالته راما تشربي ايه؟ خجلت وقلتلها شكرا قلتلي تعالي أوريكي احنا بنحط الشاي والنسكافيه فين. أخدتني و ورجتني المكان وقلتلي أنا حعملك أول كباية نسكافيه بس بعد كده انتي تعملي بنفسك انتي من أهل البيت دلوقت.. حبيت كتير طيبتها هي ونهى وحسيتهم قريبين كتير.. ميسا وريموندا أخدوني تغدينا بيتزا لزيزة وسلطة وكانوا يحكوا معي طول الطريق كإنه بنعرف بعض من سنين وهون اكتشفت إنه مش بس الناس البسيطين واللي وضعهم على قدهم هم الطيبين في مصر، الشعب المصري كله طيب ولطيف!
بعد ما خلص التدريب الساعة 4 روحوني الفندق وزميلي اللي وصلني كان برضه يكلمني كإنه بيعرفني من سنين!
لما رجعت الفندق إسلام (اللي قلتلكم عنه في أول التدوينة) قلي انه رح يجي هو وأفنان يسلموا علينا ويشوفونا.. كانت أول مرة رح أشوفهم فيها على الواقع وكنت مبسوطة كتير لإني بعرفهم قديش طيبين وقبل ما أروح على القاهرة كانوا دايما يقولولي إنت جاية مصر إيمتا؟ عايزين نشوفك. لما وصل قعدنا وتحدثنا كتير ولما روح إسلام طلعت مع بابا تمشينا بالشوارع وضلينا نمشي تقريبا ساعة. مصر ما بتعطيك أي مجال للملل.. خااااالص!! ما حسنا بالوقت وهيك انتهى اليوم

اليوم الثالث (02/11/2011): لفة بالسيارة
كان اليوم التاني من التدريب طلعت من الفندق بعد ما فطرت مع بابا وطلعت عالمكتب. كان التدريب ميداني طلعنا من المعادي بالسيارة عشان نروح المطبعة وكمان مرة تزكرت انه المسافات في مصر مختلفة. وكانت الطريق زحمة.. كلنا بنسمع عن الزحمة في مصر وهي فعلا حقيقية!!.. وصلنا المطبعة بعد ساعة ونص تقريبا بس ما حسينا بالوقت لإنه إنجي كانت تحكي عن بنتها الصغيرة وخوفها عليها ونهى تحكيلنا عن مدرسة الانجليزي تبعت بنتها اللي بتحكي متل"ميرفت" مدرسة الانجليزي بتاعة حماصة في فيلم عسل أسود (سانك يو فيري ماتش) وعم عادل اللي لما سألته إنجي أسهل طريق تطلع بيها لبور سعيد من محور مش عارفة ايه وعم عادل يقلها انتي ممكن تطلعي شارع مش عارفة ايه وبعدين ما تاخديش المحور كزا خدي شمال فتقله إنجي ماشي يا عم عادل متشكرة فيرجع يقلها بس انتي ممكن تاخدي برضه الشارع ده وتطلعي كده وبرضه سهل!! إنجي داخت لإنه عم عدنان أعطاها 10 طرق وكان لسه بيلاقي طرق جديدة لما وصلنا المطبعة !! ضحكت كتير قديش دمهم خفيف وبيحبوا يساعدوا.
بابا بيقلي انه طلع يدور على محل يصلح فيه كاميرا فوقف بالشارع وسأل واحد وين ممكن ألاقي محل يصلح هالكاميرا؟ فرد عليه وقله بص يا باشا انت تمشي الشارع ده على طول وبعدين تاخد يمين هتلاقيه فوشك. بابا مشي على طول وأخد يمين ما لاقي اشي فسأل واحد تاني أعطاه نفس الوصفة بس ياخد شمال بدل يمين. كمان مرة بابا عمل بالنصيحة.. وتكرر الموقف كمان مرة بعدها بابا اكتشف انه ما حدا بيعرف اي مكان بس لإنهم بيحبوا يساعدوا بيدلوك اي شي (هلأ عم بضحك بصوت عالي ههههههههههه هيك بيصير كل ما أتزكر)
في الطريق مرينا من وسط البلد وكوبري قصر النيل والتحرير وأماكن كتيرة وطول الطريق وهم يدلوني عالأماكن.. مصر كبييييييييييييرة
لما وصلنا المطبعة إنجي قلتلي على فكرة دي مش نهاية اللفة، احنا لسه هنطلع تاني في سيارة تانية. ضحكنا وكنت بفكر انها بتمزح معي بس طلع كلامها حقيقي.. طلعنا مرة تانية ولفة تانية بس كانت أقصر. خلصنا التدريب ورجعنا عالمكتب واليوم إنجي هي اللي غدتني. كملت التدريب مع ميساء وبعدها عرضت علي توصلني على الفندق بسيارتها (مع انه انا عارفة وهي عارفة انه المكتب حيوصلني) حبيت إنها توصلني (ما بعرف السبب فعلا) لما وصلنا قلتلي لو عايزة نخرج كلميني.. لما وصلت الفندق كنت تعبانة كتير من لفة السيارة.. نمت وما عملت اشي تاني في هاد اليوم!!

اليوم الرابع (03/11/2011): البرج البرج
آخر أيام التدريب اللي كان فعلا ممتع وما كان في أي مجال إني أمل أو أقول أوف إيمتى يخلص.. الوقت كان بيمر بسرعة كتير.. مضيت اليوم هاد مع ريموندا وميساء وأعطوني هدية من المكتب كتير حلوة لإني أبديت إعجابي بشغلة على مكتب ميساء!! كمان مرة ما أطيبهم (زهقتوا مني بعرف بس طيبين شو أعمل؟!)
وهون لازم أذكر مديحة اللي ما في أخف من دمها (توحة تجنن وهي بتقلي احنا ما عندناش زحمة خااااااااااالص والشوارع واسعة وفاضيييييييييييية والمواصلات سهللللللللة ورخييييييييييصة وكلنا مبسوطين!!)
مر اليوم ورجعت الفندق وكلمت أفنان وإسلام عشان نطلع كلنا مع بعض.. طلعنا انا وبابا واسلام من الفندق ومشينا شوي لمحطة المترو.. ولأول مرة بحياتي ركبت المترو!! (واحتفظت بالتذكرة كمان) ولحسن حظي (حسب ما قلولي) انه كان فاضي وكراسيه حلوة. وكنت مفكرة انه بياخد وقت طويل بس طلع سريع والله ووصلنا موقف التحرير بسرعة فعلاً وهنا شفت أفنان.. ملامحها مصرية فعلا والطيبة بتنبع من وجهها وعيونها وكانت مبسوطة انها شايفاني لدرجة مش ممكن أوصفها.. مشينا بعدها في الشوارع وطبعا تعلمت شوي كيف أقطع الطريق بس ما كنت أمسك حالي من الضحك وأنا بركض عشان أقطع (كنت أتزكر أول يوم لما ضليت واقفة أستنى السيارات توقفلي)
وصلنا البرج! برج القاهرة! بناء لطيف يعني.. لما طلعنا البرج بالأصنصير كان في واحد يحكيلنا عن البرج .. بيحكي بسرعة كتير وما فهمت من حكيه إلا إنه البرج أعلى مبنى بالقاهرة ومكون من 6 طوابق وأعلى من أكبر هرم في القاهرة
برج القاهرة

كان الجو مختلف عن الأرض .. بررررررررد..شفت القاهرة كلها من فوق بالليل شفت الميدان وماسبيرو ونادي الجزيرة وكوبري قصر النيل والفنادق والمطاعم وكان في واحد لابس فرعوني سميته عم الفرعوني وبيعملك معنى اسمك على ورقة بردى مطبوعة واسمك بالاحرف الهيروغليفية (حلوة كتير وب 10 جنيه)
بعد البرج نزلنا مشينا وقطعنا التحرير والكوبري واشترينا درة مشوية وضليت آكل فيها لحد ما دخلنا في طلعت حرب، منطقة كلها محلات تجارية ومطاعم بس واسعة كتير (لما حكيت مع ماما قلتلها انتو حاسبين اللي عنكو سوق؟ محل واحد في طلعت حرب بيطلع قد السوق اللي عنا كله!!)
أحد الأسود على جانبي كوبري قصر النيل

تعشينا وركضنا عشان نلحق المترو وهاد كان اخر شي بهاليوم واخر مرة اشوف الزحمة في القاهرة لإنه الناس سافرت عالاسكندرية وشرم الشيخ وفي ناس راحوا على قراهم وبلداتهم مشان يحضروا عيد الأضحى.

هون راح أريحكم مني شوي وبكمللكم الجزء التاني قريباً.. استنوني :$

الأربعاء، أكتوبر 05، 2011

رام الله .. مدينة تسكنني


دوار المنارة - مدينة رام الله

عندما يذكر اسمها أمامي ينتفض قلبي ويرهف سمعي كفتاة تسمع اسم من تحب !

زرتها مرتين فقط طوال حياتي. أذكر أن كلتاهما خاطفتين ..
خاطفتين في المدة الزمنية التي قضيتها وخاطفتين للأنفاس لشدة سعادتي بها ..

في المرة الأولى كدت أطير من الفرح، كنت أمشي في شوارعها ويرادوني ذاك الشعور..
أنني مررت هنا من قبل.. لم أمض فيها آنذاك أكثر من خمس ساعات .. لكنها كانت كافية لتربطني بها إلى الأبد !!

أما الزيارة الثانية فكانت ليوم كامل (يعني أحسن شوي) أمضيته في المشي في شوارعها أسير وحيدة
رغم ازدحام المرور وحركة الناس لكني كنت وحدي .. أنا وهي (ولا أحد سوانا)

حفظت أسماء قراها وأعرف أماكنها على الخارطة منذ صغري ..
فكل مكان يأتي على ذكرها أو مرتبط بها أحس أنه من حقها علي أن أحفظه عن ظهر قلب وينتابني ذاك الشعور بالشوق إلى أزقتها (مع أن الجميع يقول أنه كلها شارعين)

لا أدري متى بدأت علاقتي بها.. ولا أعرف سر تعلقي بها لهذا الحد..

قد يكون السبب أن اسمي جزء منها ..
أو ربما أني منذ كنت بعمر السنتين وأنا أسمع "وين؟ ع رام الله" 
لدرجة أن هذه الأغنية كانت من أوائل الأغاني التي غنيتها عندما بدأت الكلام بالإضافة إلى أغانٍ أخرى مثل "عالرباعية عالرباعية رافعين الراس فلسطينية"، فقد تصادف عمر السنتين مع بداية الانتفاضة الفلسطينية الأولى..

وكبرت الطفلة ذات السنتين (أنا) وكبرت معي مدينتي وكبر حلمي باللقاء..

المهم أن الاسم محفور بذاكرتي و "وين؟ ع رام الله" أصبحت وجهتي..
فسؤال وين يرادفه فوراً: ع رام الله !

بالنسبة لي أنا رحالة في هذا العالم ولن تحط مراكب ترحالي إلا في تلك الذاكرة ..
في رام الله المدينة التي تسكنني رغم أني لا أسكنها


أغنية وين ع رام الله

خلال هذا الصيف أقيمت احتفالية كبيرة باسم وين عرام الله شاركت فيها فرق فلسطينية كثيرة من مختلف المدن الفلسطينية في الضفة الفلسطينية وأراضي ال 48.. يمكنكم متابعة تلك الفقرات على موقع يوتيوب

الجمعة، سبتمبر 09، 2011

هـي ... لاجـئـة




هي لم تتعود في أيام العطل أن تستيقظ قبل أن تسمع صوته.
استيقظت مبكراً وظلت في سريرها مترقبة  في انتظار رنين الهاتف الذي لم يأت.
فكرت قليلاً ثم بادرت بالاتصال به. على غير العادة، يجيب بسرعة بصوت لطالما نقلها إلى عالم خارج عن كل ما يدور حولها.
هو: صباح الخير حبيبتي
هي تجيب بسعادة: إذا فأنت مستيقظ. هذا رائع
هو: نعم، لقد استيقظت الآن. وأنت؟ كأنك استيقظت الآن؟
تجيب كمن يزيح تهمة: لا لا فقد استيقظت باكراً ولكن كنت أنتظر سماع صوتك
تحادثا عن أشياء كثيرة وكإنهما لم يتحدثا قبل ساعات فقط ...
قالت له بطريقة الأطفال: احك لي قصة
قال لها: لم يعد أحد الآن يرو قصصاً لأحد. ففي هذا العصر من يريد أن يستمع لقصة يشتريها على اسطوانة ويضع السماعات في أذنيه ويستمع لها. حتى إنها تكون مصحوبة بموسيقى وبمؤثرات !!
تفكر ،كم تحب سخريته، ثم ترد بإصرار: ولكن أحب أن أسمعها بصوتك
ما كان منه إلا أن استجاب لطلبها الطفولي وبدأ برواية قصة كانت تعرف أنه يرتجلها دونما جهد ويستخدم فيها لهجة قروية محببة إليها مع أنها لا تفهمها جيداً...
لم تكن تهتم كثيراً بالتفاصيل بقدر اهتمامها بصوته ولهجته .. كانت تتوقع أنه سينهي هذه القصة اللطيفة بطريقة ساخرة كعادته..
 وهذا ما كان ففجأة باغتها بقوله: ويقولون أن "زمان كان كل شي أحسن"، كيف ذلك بينما كانت النساء تعملن ليلاً نهاراً و"يحرث" عليها الجميع!!
فتضحك هي ضحكة كان يحب أن يسمعها هو ويضحك هو بسعادة لأنها أحبت قصته التي اخترعها..
كانت القصة عن النساء اللاتي كن يستيقظن كل يوم في القرية ويبدأن بجمع بعضهن ليذهبن إلى "الحصيدة" ثم يعدن إلى منازلهن ليقمن بكل الأعمال المنزلية. هو يرى أن هذا ظلم للمرأة فهي تستحق أن ترتاح وأن يتعاون الرجل والمرأة في المنزل.
صمت الاثنين بينما كنت تفكر هي بإعجاب: كم هو محق.. تتذكر شيئاً من أيام الطفولة .
كسرت الصمت قائلة: أتدري؟ عندما قال والدي لنا أننا سنعود إلى بلدنا اعتقدت أننا سنعود إلى القرية وسنستيقظ كل يوم باكرأ لنذهب للحصيدة ولكني فوجئت عندما وجدت نفسي في مخيم.
رد هو كمن يسمع شيئاً لم يكن يتوقعه: مخيم؟
أجابت هي باستغراب: نعم! لقد أخبرتك قبلاً مائة ألف مرة أنني أعيش في مخيم!!
قال هو مستهجناً: مائة ألف مرة؟ هذه أول مرة.
قالت وهي تتذكر جيداُ: بلى قلت لك ذلك. استدركت: هل لديك مشكلة في ذلك؟
هو بنبرة جدية : لا أدري.
أحست أنه ليس "هو" الذي تعرفه جيداً. صمتا.. قالت بإصرار: ما الذي تفكر فيه؟
قال: لاشيء
 قالت: أعرف أنك تفكر في شيء. أخبرني ما هو؟
فاجأها عندما قال: سأخبرك عندما أعرف ..
صمتت لتستوعب ما الذي يحدث فقطع صمتها مستدركاً: سأخبرك برسالة نصية!
قالت وهي تحاول الدفاع عن نفسها من جريمة لم ترتكبها: إذاً أؤكد لك مرة أخرى ولدت في مخيم في الشتات وعدت إلى البلاد وعشت في مخيم ولا زلت أعيش فيه.
خيّم صمت مفاجئ على الاثنين كما لو أن الكلمات ضاعت منهما..
قال كمن يريد الهرب: سأذهب الآن
قالت كما لو أن شيئاً لم يحدث: "دير بالك على حالك"
فهو لم يكن بصحة جيدة في هذه الفترة وأرادت أن يعرف أن أمره يهمها مهما حدث.. بل أنه الأهم ..
رد بطريقة لم تعهدها: حسناً. وأنت أيضاً
قالت كمن يريد أن يتأكد أنه لم يفهم شيئاُ بطريقة خاطئة: مع السلامة، حبيبي
قال: مع السلامة.
هي تعودت أن يرفقها بكلمة أخرى كحبيبتي أو حياتي أو عمري، لكنه لم يفعل.
أقفل هو وبقيت هي معلقة إلى سماعة الهاتف بانتظار الكلمة الأخيرة التي لن تأت..
أعادت كل ما حدث في هذه المكالمة التي بدأت بعاشقين ولكنها انتهت بغريبين. وتفكر ما المشكلة؟؟؟
أيقظت نفسها قائلة: ولكن اللجوء لم يكن خياري ولم يكن خيار أي من اللاجئين الفلسطينيين !!!
يبلغ عدد الفلسطينيين ما يقارب 5 ملايين نسمة، تقريباً 3.5 مليون منهم لاجئين يعيشون في الشتات وقطاع غزة والضفة الغربية. لمن يريد التعرف على معلومات أكثر عن اللاجئين الفلسطينيين الضغط هنا

أغنية لأحمد قعبور - لاجئ سموني لاجئ





الثلاثاء، أغسطس 30، 2011

توقيتين ...لشعب واحد



قبل عدة أيام من نهاية شهر رمضان انتشر خبر على مواقع الانترنت وبين الناس بأن التوقيت سيتغير أول أيام العيد ليعود للتوقيت الصيفي.
المفاجأة كانت أنه قبل العيد ب 3 أيام نزل الخبر على وكالة معاً الإخبارية يقول "مع مراعاة فارق التوقيت بين الضفة وغزة !؟"
وصار اللي كنا بتمنى انه ما يصير.. في ليلة 29 أغسطس/رمضان 2011 تم تعديل الساعة في الضفة بينما قررت الحكومة في غزة أنه يبقى التوقيت في غزة توقيت شتوي
ليصبح فرق التوقيت بين الضفة الغربية وقطاع غزة ولأول مرة بالتاريخ ساعة كاملة (60 دقيقة)
لأول مرة بحياتي بحس انه الضفة الغربية صارت كإنها دولة تانية
لأول مرة بحكي مع اصدقائي كإنهم مسافرين بقلهم قديش الساعة عندكو؟!
اه.. صار بينا ساعة ومستغربة كتير من الناس اللي مستسهلين الموضوع.. اللي يقول "هي وقفت عالساعة؟" واللي يقول "بسيطة"
أنا مش شايفة انها بسيطة... اليوم انقسمنا بالتوقيت بكرة بيجي العيد بالضفة قبل أو يمكن بعد العيد بغزة وبعدها بيصير يوم الاستقلال للضفة غير يوم الاستقلال لغزة.. والحبل عالجرار
وبعدين بتنضم غزة لمصر (توقيتهم واحد وكان في فكرة استبدال العملة المتداولة "الشيكل" بالجنيه المصري) وبتنضم الضفة للأردن (كمان توقيتهم واحد وتقريبا مفتوحين على بعض)
بس مشان يحسسونا إنه إلنا دولة رح تضل حكومة بغزة وحكومة بالضفة.. شو رأيكم بهالمشروع الظريف؟
انا ما عم ببالغ... هاد الواقع اللي وصلناله
رح نعلي صوتنا هالمرة ونعترض ولا كمان مرة رح نسكت ويستمر المسلسل؟
هالمرة هتافنا رح يكون "وقت واحد لا وقتين" بدل "شعب واحد لا شعبين"!!!

الاثنين، أغسطس 29، 2011

نفاق الشعوب



أبتدي منين الحكاية...؟؟
الحكاية قديمة كتير وسمعناها كتير بس ما بعرف ليش ما بناخد العبر (لازم ناكلها بأنفسنا لنتعلم :D )
في كل قصة سمعناها واحنا صغار كان في ملك وكان يعيش بترف وغنى وشعبه بيعاني الأمرين من كتر الضرائب والفقر، ولما بيسأل أعوانه والمستشارين تعونه بيحكوله: "كله تمام". بيسألهم: "والناس راضيين؟" بيجاوبوه: "طبعا. هم عايشين في رعايتك والكل بيدعيلك" والملك بيصدق الكلام وبيطمئن..
ولما كان الملك ينزل "يتفقد الرعية" الرعية يدعوله ويشكروه، وبهيك الملك يرتاح ويفكر انهم راضيين ومبسوطين...
كان زمااااان...؟؟
هلأ بتستغربوا شو جاب على بالي قصص الملوك القديمة..
ببساطة لإنه مع مر العصور ما في شي تغير!!
 "الملك" لسه عايش بعيد عن شعبه.. مش البعد المكاني الجغرافي قد ما هو البعد الروحي (ما حدا يفهمني غلط.. أنا بقصد بعده عن همومهم)..
ولسه اللي حواليه بيقنعوه انه الناس بألف خير وبتدعيله.. ولسه كل ما ينزل عالشارع يشوف "الرعية" الناس بتهتف باسمه وبتدعيله..
هيَ هيَ
الشعوب العربية "الثائرة" (الأقواس الصغيرة مقصودة) ما تغيرت.. لسه الناس نفسهم..
 وتغيير النظام ما بيعني انه الحال رح يتغير.. الملك مش هو الوحيد المسئول عن الحال اللي وصلت إله الشعوب.. كل واحد في المجتمع عليه شق من المسئولية لإنه كان يرضى يدفع رشوة لموظف مشان يمشيله معاملته وكان يرضى يتواسطله حدا مشان يشتغل ولإنه لإنه...
ومن التاريخ، رغم تغير الأنظمة والحكام الحال ضل واحد... ليش يا ترى؟
 لإنه الناس هم هم.. وكلنا بنعرف انه "كما تكونوا يولى عليكم" (حديث شريف) يعني ما نتوقع انه يجينا حدا غير ما دام احنا متل ما احنا...
برأيي الحال ما بيتغير إلا إزا الناس غيروا أنفسهم.. يعني بلا منه تمسيح الجوخ والنفاق.. ليش تقول انك مرتاح وانت رح تموت من القهر؟
إزا انت مش راضي قول انا مش راضي وخلي الناس اللي حواليك يعرفوا انك مش راضي وانك مش مبسوط.. انا متأكدة انه الهواء بينقل جزئيات الصوت من مكان للتاني وبوصلها للمكان اللي لازم توصله.. مشان هيك قبل مل تكون الثورة على الآخرين لازم تكون على النفس ثورتنا أولاً
وفي النهاية "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" (آية كريمة)

الأربعاء، أغسطس 10، 2011

حضر رمضان.. هربت الكهرباء




كان يا ما كان في فترة مش بعيدة من الزمان
كان في شهر فضيل اسمه رمضان وحب في يوم من الايام يزور بلادنا وكل البلدان
الناس لما ييجي بتحب تعمل خير شو ما كان مستواها الاجتماعي أو الثقافي.
رح نرجع بالزمن شوي قبل ما يوصل رمضان.. حدا بيعرف فيكم كيف وضع الكهربا كان؟؟؟
قبل رمضان بفترة قصيرة تحسن وضع الكهربا نوعاً ما في قطاع غزة يعني بدل ما تقطع كل يوم صارت تقطع يوم اه يوم لأ ويوم ما تقطع بتكون مدة القطع أقصر مما كانت عليه سابقاً.. قلنا منيح ازا ضل الوضع هيك لما ييجي حضرة رمضان!!
لكن بليلة كان واضح فيها القمر بدت الكهربا تتغير.. قطعت قبل الفطور.. قلنا بسيطة! بكرة ما بتقطع!! تاني يوم صحينا لقيناها مقطوعة!! قلنا يمكن تغير البرنامج! ولكن استمرت على هالمنوال مرة الصبح ومرة بالليل وفي الحالتين بتستمر شي 8 ساعات (ازا كانوا حنونين!!) وفجأة وفي أحد أيام رمضان لما كنا لسه بدينا نتسحر وازا بها تنقطع!! الله أكبر!! ايمتا كانت تقطع في هادا الوقت! ما هي معروفة يا أما من ال7 الصبح لل 3 العصر أو من ال 3 العصر لل 11 بالليل وازا مدت بتوصل لل 12 أو 1 بس عال 2 ونص تقطع؟!!! هون بدأنا نعزز الشك انه في إنَ في الموضوع...
وانتو؟ هل تشاركوني في ال "إنَ"؟
يلا نفكر بعقلية مادية شوي؟
في رمضان الناس بتصحى على ال 2 ونص عشان تتسحر فلو انقطعت الكهربا ممكن يشغلوا ماتور الكهربا وبهيك بيزيد استهلاكهم للوقود لإنه صاروا يشغلوه 3 مرات بدل مرتين... وازا زاد استهلاك الوقود بيزيد الطلب عليه وبهيك بيستفيدوا الناس اللي مسيطرين على الوقود بالبلد والناس اللي بيجيبوا الوقود عالبلد...!!! ممكن يكون هاد سبب من الأسباب بس ممكن يكون في أسباب تانية...

والسؤال اللي بيطرح نفسه مين اللي بيقطع الكهربا؟ وشو هدفه من هاد التصرف؟


السبت، أغسطس 06، 2011

عن الانقسام الفلسطيني






موضوع الانقسام صار موضوع الشارع الفلسطيني خاصة بعد الثورات في مصر وتونس. وتجمع الشباب الفلسطيني حول فكرة إنهاء الانقسام. طبعاً يا شباب يعطيكم العافية إنه أخدتوا زمام المبادرة وعنجد بديتوا تشتغلوا مش بس بالحكي، لأ كمان بتنظيم فعاليات كتيرة بعضها نجح وبعضها الآخر للأسف ما لاقى نفس النجاح لأسباب مختلفة ما بدي أخوض فيها هلأ لإنه في غيري بيحكي عنها ومش موضوعي أصلاً الحركة الشبابية.

أنا ما رح أحكي عن الانقسام من ناحية سياسية بس من ناحية حياتنا اليومية. كيف بدأ الانقسام الفلسطيني؟ سؤال سألته لإلكم وأعطيتوني آراء كتيرة في منكم قال انه لما راح الدين راح الوطن. ناس قاله السبب هو الكرسي وناس قالوا لإنه الانقسام بدأ لما نشأ التجمع الإسلامي وبنيت الجامعة الإسلامية. بحترم رأي كل واحد شارك في الإجابة على هالسؤال بس خليني أسلط الضوء على الحكي اللي ما انحكى.

برأيي الانقسام بدأ لما بدينا نحكي انا من غزة أو انا من الضفة بدل ما نحكي أنا من فلسطين
بدأ الانقسام لما صرنا نقول هاد لاجئ وهداك مواطن
ولما صرنا ندعو للمسيرات باسم الأحزاب مش باسم فلسطين
ولما نشارك بالمسيرات اللي بترفع الأعلام الحزبية بدل علم فلسطين ونهتف للتنظيمات
بدأ الانقسام لما صرنا نحط أعلام التنظيمات على جثث الشهداء بدل ما نحط علمنا الفلسطيني
ولما نحكي عن الشهداء أو المعتقلين ونقول الشهيد القسامي أو الفتحاوي ونقول هاد معتقل ضفاوي أو غزاوي أو من حركة الجهاد الإسلامي أو الجبهة الشعبية بدل ما نقول الشهيد الفلسطيني والمعتقل الفلسطيني
بدأ الانقسام لما صار الشعب يستجيب  لنداءات الأحزاب ولما تناديه فلسطين ما يستجيب

أول خطوة فعلية لإنهاء الانقسام هي قتله في حياتنا اليومية من خلال الكلمات اللي بنستخدمها