ثورة من الذات: سبتمبر 2011
هنا سأكتب عن كل ما يخطر ببالي من أفكار متعلقة بالحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية.. سأكتب عن كل شيء أتمنى تغييره في واقعنا العربي

الجمعة، سبتمبر 09، 2011

هـي ... لاجـئـة




هي لم تتعود في أيام العطل أن تستيقظ قبل أن تسمع صوته.
استيقظت مبكراً وظلت في سريرها مترقبة  في انتظار رنين الهاتف الذي لم يأت.
فكرت قليلاً ثم بادرت بالاتصال به. على غير العادة، يجيب بسرعة بصوت لطالما نقلها إلى عالم خارج عن كل ما يدور حولها.
هو: صباح الخير حبيبتي
هي تجيب بسعادة: إذا فأنت مستيقظ. هذا رائع
هو: نعم، لقد استيقظت الآن. وأنت؟ كأنك استيقظت الآن؟
تجيب كمن يزيح تهمة: لا لا فقد استيقظت باكراً ولكن كنت أنتظر سماع صوتك
تحادثا عن أشياء كثيرة وكإنهما لم يتحدثا قبل ساعات فقط ...
قالت له بطريقة الأطفال: احك لي قصة
قال لها: لم يعد أحد الآن يرو قصصاً لأحد. ففي هذا العصر من يريد أن يستمع لقصة يشتريها على اسطوانة ويضع السماعات في أذنيه ويستمع لها. حتى إنها تكون مصحوبة بموسيقى وبمؤثرات !!
تفكر ،كم تحب سخريته، ثم ترد بإصرار: ولكن أحب أن أسمعها بصوتك
ما كان منه إلا أن استجاب لطلبها الطفولي وبدأ برواية قصة كانت تعرف أنه يرتجلها دونما جهد ويستخدم فيها لهجة قروية محببة إليها مع أنها لا تفهمها جيداً...
لم تكن تهتم كثيراً بالتفاصيل بقدر اهتمامها بصوته ولهجته .. كانت تتوقع أنه سينهي هذه القصة اللطيفة بطريقة ساخرة كعادته..
 وهذا ما كان ففجأة باغتها بقوله: ويقولون أن "زمان كان كل شي أحسن"، كيف ذلك بينما كانت النساء تعملن ليلاً نهاراً و"يحرث" عليها الجميع!!
فتضحك هي ضحكة كان يحب أن يسمعها هو ويضحك هو بسعادة لأنها أحبت قصته التي اخترعها..
كانت القصة عن النساء اللاتي كن يستيقظن كل يوم في القرية ويبدأن بجمع بعضهن ليذهبن إلى "الحصيدة" ثم يعدن إلى منازلهن ليقمن بكل الأعمال المنزلية. هو يرى أن هذا ظلم للمرأة فهي تستحق أن ترتاح وأن يتعاون الرجل والمرأة في المنزل.
صمت الاثنين بينما كنت تفكر هي بإعجاب: كم هو محق.. تتذكر شيئاً من أيام الطفولة .
كسرت الصمت قائلة: أتدري؟ عندما قال والدي لنا أننا سنعود إلى بلدنا اعتقدت أننا سنعود إلى القرية وسنستيقظ كل يوم باكرأ لنذهب للحصيدة ولكني فوجئت عندما وجدت نفسي في مخيم.
رد هو كمن يسمع شيئاً لم يكن يتوقعه: مخيم؟
أجابت هي باستغراب: نعم! لقد أخبرتك قبلاً مائة ألف مرة أنني أعيش في مخيم!!
قال هو مستهجناً: مائة ألف مرة؟ هذه أول مرة.
قالت وهي تتذكر جيداُ: بلى قلت لك ذلك. استدركت: هل لديك مشكلة في ذلك؟
هو بنبرة جدية : لا أدري.
أحست أنه ليس "هو" الذي تعرفه جيداً. صمتا.. قالت بإصرار: ما الذي تفكر فيه؟
قال: لاشيء
 قالت: أعرف أنك تفكر في شيء. أخبرني ما هو؟
فاجأها عندما قال: سأخبرك عندما أعرف ..
صمتت لتستوعب ما الذي يحدث فقطع صمتها مستدركاً: سأخبرك برسالة نصية!
قالت وهي تحاول الدفاع عن نفسها من جريمة لم ترتكبها: إذاً أؤكد لك مرة أخرى ولدت في مخيم في الشتات وعدت إلى البلاد وعشت في مخيم ولا زلت أعيش فيه.
خيّم صمت مفاجئ على الاثنين كما لو أن الكلمات ضاعت منهما..
قال كمن يريد الهرب: سأذهب الآن
قالت كما لو أن شيئاً لم يحدث: "دير بالك على حالك"
فهو لم يكن بصحة جيدة في هذه الفترة وأرادت أن يعرف أن أمره يهمها مهما حدث.. بل أنه الأهم ..
رد بطريقة لم تعهدها: حسناً. وأنت أيضاً
قالت كمن يريد أن يتأكد أنه لم يفهم شيئاُ بطريقة خاطئة: مع السلامة، حبيبي
قال: مع السلامة.
هي تعودت أن يرفقها بكلمة أخرى كحبيبتي أو حياتي أو عمري، لكنه لم يفعل.
أقفل هو وبقيت هي معلقة إلى سماعة الهاتف بانتظار الكلمة الأخيرة التي لن تأت..
أعادت كل ما حدث في هذه المكالمة التي بدأت بعاشقين ولكنها انتهت بغريبين. وتفكر ما المشكلة؟؟؟
أيقظت نفسها قائلة: ولكن اللجوء لم يكن خياري ولم يكن خيار أي من اللاجئين الفلسطينيين !!!
يبلغ عدد الفلسطينيين ما يقارب 5 ملايين نسمة، تقريباً 3.5 مليون منهم لاجئين يعيشون في الشتات وقطاع غزة والضفة الغربية. لمن يريد التعرف على معلومات أكثر عن اللاجئين الفلسطينيين الضغط هنا

أغنية لأحمد قعبور - لاجئ سموني لاجئ